الأسواق تنتعش بعد تجميد الرسوم: في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليقاً مؤقتاً لمعظم الرسوم الجمركية الانتقامية،
مما هدّأ المخاوف من تصعيد الحرب التجارية وأشعل موجة انتعاش في الأسواق العالمية، قادتها الأسهم الآسيوية.
جاء القرار كرسالة طمأنة وسط تقلبات حادة، ودفَع المؤشرات والأسهم والعملات لتحقيق مكاسب قوية،
رغم استمرار الحذر، حيث أكد المحللون أن هدنة الـ90 يوماً قد لا تكفي لحل الخلافات التجارية العميقة.

المحتوى

إنتعاش الأسواق الآسيوية

الصين خارج المعادلة

تصريحات ترمب

تفاؤل مشروط

وول ستريت تسجل أكبر موجة شراء

الارتداد ينعش السندات مجدداً
تفاؤل حذر وسط إشارات متضاربة

مستويات بيع مفرطة

الخلاصة

الأسواق الآسيوية تنتعش بقوة بعد تعليق الرسوم الجمركية

سجلت الأسهم الآسيوية أكبر ارتفاع لها منذ أكثر من عامين،
مدفوعةً بتجدد الزخم في الأسواق العالمية عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب
عن تعليق الغالبية العظمى من الرسوم الجمركية الانتقامية واسعة النطاق.
وقد امتدت تداعيات هذا القرار سريعاً إلى الأسواق الآسيوية، التي كانت قد تضررت بشدة من التصعيد الجمركي في الأشهر الماضية.
فارتفعت المؤشرات الآسيوية بقوة يوم الخميس، في حين قفزت العقود الآجلة للمؤشرات الأوروبية بأكثر من 9%،
مدعومةً بمكاسب حادة في مؤشر S&P 500 الأميركي الذي أغلق على ارتفاع بنسبة 9.5%،
محققاً أفضل أداء يومي له منذ الأزمة المالية العالمية.

هذا التحوّل المفاجئ في النهج الأميركي لقي ترحيباً واسعاً من المستثمرين،
لكنه جاء أيضاً بعد اضطرابات كبيرة في سوق السندات الأميركية، ما دفع ترمب لإعادة تقييم استراتيجيته التجارية.
بالتوازي، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات،
بعد ارتفاع سابق بلغ 34 نقطة أساس خلال الأيام الثلاثة الماضية،
مما أثار تساؤلات بشأن استقرار أكبر سوق للديون في العالم. كما تراجع مؤشر الدولار لليوم الثالث على التوالي،
في حين واصل الذهب مكاسبه مسجلاً أكبر ارتفاع يومي له منذ 18 شهراً.

وفي تعليقه على القرار، قال فريدريك نيومان، كبير اقتصاديي آسيا في بنك HSBC:
“شعر المستثمرون في آسيا بالارتياح فور إعلان التعليق. هذه الخطوة تفتح المجال أمام المفاوضات،
وهو أمر بالغ الأهمية للدول الآسيوية المصدّرة التي تأثرت بشكل كبير من ارتفاع الرسوم.”

الصين خارج المعادلة… والأسواق تنتعش رغم تراجع اليوان

جاء قرار الإدارة الأميركية بتعليق الرسوم الجمركية بعد موجة خسائر قاسية ت
جاوزت قيمتها 10 تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم العالمية،
إضافة إلى تراجع حاد في أداء سندات الخزانة الأميركية.
فقد أعلن الرئيس دونالد ترمب تعليقاً مؤقتاً لمدة 90 يوماً
على الرسوم الجمركية المفروضة على عشرات الدول، في محاولة لتهدئة الأسواق واحتواء الأزمة.
إلا أن الصين كانت الاستثناء الأبرز، حيث قررت واشنطن رفع الرسوم المفروضة عليها إلى 125%،
كرد على قيام بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 84% على الواردات الأميركية
. وبحسب تصريح مسؤول في البيت الأبيض،
فإن الدول الخاضعة لرسوم مرتفعة ستحصل على إعفاءات مؤقتة تعيد النسبة إلى الحد الأدنى البالغ 10%،
مع إبقاء الرسوم المشددة على الصين دون تغيير.

ورغم هذه التطورات، فقد حققت المؤشرات الرئيسية في كل من هونغ كونغ والصين مكاسب قوية،
متجاهلة تراجع اليوان إلى أدنى مستوياته منذ عام 2007 في السوق المحلية.
وواصل ترمب إثارة الانتباه حين وصف سوق السندات الأميركية بـ”الجميلة” خلال تصريحاته يوم الأربعاء،
في ظل حالة من التقلّب الشديد التي أفرزتها سياساته التجارية.
وقد شهدت سندات الخزانة قصيرة الأجل، التي تُعد من الأصول الآمنة،
تراجعاً واضحاً مع توجّه رؤوس الأموال نحو الأسهم، بدافع موجة من التفاؤل العام.

وفي هذا السياق، قال رايان نومان من شركة Zephyr للاستشارات المالية:
“الفترة الماضية كانت بمثابة رحلة على متن قطار ملاهي.
الأسواق بطبيعتها ترفض الغموض، والرسوم المفاجئة التي فُرضت كانت مربكة.
أما ما نشهده الآن، فهو Rally ارتياح حقيقي نتيجة الانفراجة.”

أما في قطاع السلع، فقد استقر سعر النفط بعد أن تعافى من أدنى مستوياته في أربع سنوات،
مستفيداً بدوره من الأجواء الإيجابية التي سادت الأسواق العالمية.

تصريحات ترمب تدفع الأسواق إلى الارتفاع

قبل أقل من ساعة من خطاب ترمب، شهد مزاد لبيع سندات لأجل 10 سنوات بقيمة 39 مليار دولار طلباً جيداً،
بالرغم من القلق من تراجع شهية المستثمرين الأجانب بسبب التوترات التجارية.
وسُجلت موجة ارتفاع حادة بعد ساعات من دعوة ترمب للمستثمرين إلى الحفاظ على هدوئهم والاستمرار في الاستثمار،
حيث كتب عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: “هذا وقت رائع للشراء”.

وقد تزامنت تلك التصريحات مع تقلبات حادة في الأسواق،
شملت انخفاضاً في أسواق المال واتساعاً في الفوارق الائتمانية،
إضافة إلى ضغوط من بعض حلفائه من أصحاب المليارات الذين دعوه للتراجع عن سياساته الجمركية.

تفاؤل مشروط وتحوّل في رؤية غولدمان ساكس

رغم الارتداد القوي الذي شهدته الأسواق عقب إعلان تعليق الرسوم الجمركية،
لم تغب نبرة الحذر عن تحليلات الخبراء الذين شددوا على أن التفاؤل المفرط قد يكون سابقاً لأوانه.
فالرسوم، وإن تم تعليقها مؤقتاً، لا تزال تلقي بظلالها على قرارات الشركات وقدرتها على التخطيط طويل الأمد،
ناهيك عن التوترات التي أحدثتها في العلاقات الاقتصادية العالمية.
وفي هذا السياق، قال مارك هاكيت من شركة Nationwide:
“الهدنة المؤقتة البالغة 90 يوماً تعتبر إشارة إيجابية تدل على تقدم في المفاوضات،
لكنها لا تعني بالضرورة أننا تجاوزنا الأزمة. المطلوب الآن هو الحذر والتمسك بالانضباط في اتخاذ القرارات الاستثمارية.”

وفي تطور لافت، أعلنت غولدمان ساكس تراجعها عن توقعاتها السابقة بحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة،
وذلك بعد قرار ترمب بتعليق تنفيذ الرسوم الجمركية على عشرات الدول. وأوضح الفريق البحثي بقيادة يان هاتزيوس في مذكرة يوم الأربعاء:
“كنا نتوقع ركوداً أساسياً نتيجة دخول الرسوم الجديدة حيّز التنفيذ،
لكن في أعقاب قرار التعليق، عدنا إلى سيناريو لا يتضمن ركوداً.”

وفي السياق ذاته، أشار نيل دوتا من شركة Renaissance Macro Research
إلى أن الأسواق تحوّلت من بيئة مليئة بالمخاطر غير الخطية إلى وضع أكثر قابلية للتوقع، قائلاً:
“رغم الارتياح الحالي، فإنه قد يكون مؤقتاً، ولهذا السبب أفضّل حالياً توجيه الاستثمارات نحو السندات بدلاً من الأسهم.”

وول ستريت تسجل أكبر موجة شراء منذ 2008

أدى إعلان ترمب تعليق الرسوم الجمركية على عدد من الشركاء التجاريين
إلى موجة شراء تاريخية في وول ستريت، هي الأقوى منذ أزمة 2008 المالية.
وبعد أن اقتربت الأسواق من منطقة السوق الهابطة،
قفز مؤشر S&P 500 بنسبة 9.5%، متجاوزاً الخسائر الضخمة التي لحقت بالأسواق في الفترة الأخيرة،
نتيجة مخاوف من اندلاع حرب تجارية وركود اقتصادي.

كما ارتفع مؤشر ناسداك 100 بنسبة 12%، وسط أجواء من الارتياح بعد أربعة أيام من تداولات مكثفة.
وشهدت معظم الأسهم المدرجة في المؤشرات الأميركية الرئيسية ارتفاعاً ملحوظاً.
وقد بلغ حجم التداول أكثر من 30 مليار سهم بقيمة تجاوزت 1.5 تريليون دولار،
بحسب بيانات بلومبرغ، وهو رقم قياسي يعود لحقبة الأزمة المالية.

الارتداد ينعش السندات مجدداً

بدأت سندات الخزانة الأميركية في استعادة بعض التوازن،
مع تراجع الإقبال على أصول الملاذ الآمن، حيث فضّل المستثمرون المخاطرة في ظل بوادر تعافٍ.
وسجلت عوائد السندات لأجل عامين ارتفاعاً مؤقتاً متجاوزة مستوى 4%،
في إشارة إلى تراجع التوقعات المتعلقة بتخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وكان ترمب قد أشار إلى أن الرسوم “المتبادلة” المرتفعة سيتم تعليقها لمدة 90 يوماً،
بينما أبقى على نسبة 125% المفروضة على الصين،
وسط مؤشرات على احتمال منح بعض الشركات إعفاءات جمركية في الفترة القادمة.

تفاؤل حذر وسط إشارات متضاربة: الأسواق تبحث عن يقين مفقود

رغم موجة التفاؤل التي صاحبت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق الرسوم الجمركية،
لا يزال المحللون يحذرون من المبالغة في تفسير هذا الصعود المفاجئ على أنه بداية لتعافٍ اقتصادي مستقر.
فرغم الإيجابية الظاهرة، تبقى الرسوم الجمركية عاملاً ضاغطاً على بيئة الأعمال،
وتشكل مصدر توتر مستمر في العلاقات الاقتصادية بين القوى الكبرى.
وفي هذا السياق، قال مارك هاكيت من شركة Nationwide:
“تعليق التنفيذ لمدة 90 يوماً يمنح أملاً في نجاح المفاوضات، لكنه لا يعني أن الأزمة قد انتهت.
لا تزال الشكوك قائمة، ولا بد من الحذر وتجنب اتخاذ قرارات عاطفية.”

من جانبه، حاول ترمب بث الطمأنينة في الأسواق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كتب: “هذا وقت رائع للشراء”،
وأضاف لاحقاً: “سوق السندات حالياً جميلة”، في محاولة لامتصاص حالة القلق المتصاعدة.
جاءت هذه التصريحات بعد تقلبات حادة طالت أسواق النقد، واتساع الفروقات الائتمانية،
وضغوط من بعض المليارديرات المقربين منه للتراجع عن سياساته الجمركية المتشددة.

مستويات بيع مفرطة وارتداد مفاجئ

وعلى خلفية هذه التطورات، وصلت الأسهم الأميركية إلى مستويات بيع مفرطة لم تُسجّل منذ ذروة جائحة كوفيد-19،
وهو ما دفع المتداولين إلى البحث عن مؤشرات واضحة على اقتراب السوق من القاع. وقالت إلين هازن من شركة FL Putnam:
“لم أرَ هذا القدر من التقلب منذ وقت طويل. ما تشهده بعض الأسهم من تحركات غير معقول.
السوق كانت تحت ضغط بيعي هائل، وأي خبر إيجابي كفيل بإطلاق موجة صعود قوية.”

لكن وعلى الرغم من هذا الزخم، لا تزال الأسواق تواجه إشارات متضاربة. فحتى مع تراجعها يومي الإثنين والثلاثاء،
ساهمت مجرد الشائعات عن احتمال تخفيف السياسات الجمركية—ومنها منشور زائف عن تأجيل الرسوم
في رفع مؤشر S&P 500 بنسبة 7% خلال جلسة صباحية واحدة، ما يعكس هشاشة السوق ومدى تأثرها بالتصريحات السياسية.

وحذّر دانيال سكالي، رئيس البحوث الاستراتيجية في Morgan Stanley، قائلاً:
“نشهد للمرة الأولى تراجعاً فعلياً في غيوم الحرب التجارية،
لكن من المبكر جداً اعتبار أن المستقبل بات أكثر إشراقاً. الـ90 يوماً غير كافية لتأكيد الخروج من الأزمة.”
وأضاف: “تعليق الرسوم لا يمثل نهاية القصة، وتقلبات السوق لن تتوقف بين ليلة وضحاها.”

أما كريس زاكاريلي من Northlight Asset Management،
فرأى أن التركيز الحقيقي يجب أن يكون على التأثيرات التراكمية للرسوم الجمركية،
خاصة مع اتساع نطاقها وزيادة المخاطر من دخول الاقتصاد في حالة ركود. وصرّح قائلاً:
“إذا تم تقليص الرسوم أو إلغاؤها، ستتفاعل الأسواق بشكل إيجابي. لكن في ظل التغير السريع في الأخبار،
من الأفضل تبني خطة استثمارية طويلة الأجل والبحث عن الفرص في شراء شركات ذات جودة عالية.”

الخلاصة: انتعاش بعد التجميد، والمصير مجهول

في الختام، لا شك أن الأسواق تنتعش بعد تجميد الرسوم بوضوح،
لكن هذا التعافي يبقى هشاً ومؤقتاً بانتظار حلول طويلة الأمد.
وما لم تتحول السياسة التجارية الأميركية إلى نهج استراتيجي مستقر،
فإن حالة الارتياح قد لا تدوم، خاصة مع استمرار الرسوم على الصين وخطر الركود العالمي.

الأسواق تنتعش بعد تجميد الرسوم

الأسواق تنتعش بعد تجميد الرسوم

مواضيع ذات صلة