اهتمام عالمي متجدد

بعد سنوات من التجاهل، تتجه أنظار المستثمرين من جديد نحو الأسواق الناشئة
، مدفوعين بتراجع الثقة في الدولار الأميركي نتيجة الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترمب.
خبراء مثل برامول دهاوان وتينا فاندرستيل، ممن قضوا عقودًا في هذا المجال، أكدوا أن الاهتمام الحالي غير مسبوق من حيث الزخم واتساع شريحة المستثمرين.

ففي السابق، كانت فرق الاستثمار تسعى جاهدة لإقناع العملاء بهذه الأسواق،
أما اليوم فالمكالمات تنهال عليهم من مؤسسات وأفراد يسألون عن كيفية الخروج من الدولار وتنويع محافظهم.
هذا التحول لا يعكس فقط أزمة ثقة في العملة الأميركية، بل أيضًا وعياً متزايداً بإمكانات الأسواق النامية.

لحظة انعطاف حقيقية

جاءت لحظة التحول في أبريل، حين أشعلت تصريحات ترمب حربًا تجارية عالمية دفعت رؤوس الأموال للبحث عن بدائل.
فاندفعت مليارات الدولارات إلى أسواق كانت مهملة لسنوات،
من السندات البوليفية إلى الأسهم الغانية، وسجل مؤشر “MSCI” للأسواق الناشئة مكاسب قوية تجاوزت 17% حتى منتصف العام.

حتى السندات المقوّمة بالعملات المحلية – والتي كانت سابقًا تعاني من الإهمال – حققت أفضل أداء نصف سنوي لها منذ 2009.
ومع ازدياد الزخم، أعادت كبريات الشركات المالية تقييم استراتيجياتها، وبدأت في تحويل استثماراتها من أصول أميركية إلى أسواق مثل كوريا الجنوبية وتايوان.

دورة صعود جديدة

رغم التفاؤل، هناك حذر مشروع. فهذه ليست أول موجة صعود في الأسواق الناشئة. سبق أن شهدنا طفرات مؤقتة في مطلع الألفية وأثناء ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
لكنها غالبًا ما كانت تنتهي بخيبة أمل بسبب عوامل مثل اضطرابات سياسية أو تباطؤ في الصين أو فقدان الثقة العالمي.

لكن المختلف الآن هو تعدد العوامل الداعمة: تقييمات منخفضة، موازنات مستقرة، وإجماع عالمي على الحاجة لتنويع المحافظ الاستثمارية.
حتى مؤشرات التحليل الفني مثل Z-score تشير إلى تدفقات تفوق المعدلات التاريخية بشكل كبير.

عودة مدروسة

الأرقام تؤكد صحوة حقيقية: 31 مليار دولار تدفقات على أدوات الدين، وارتفاع في 18 عملة ناشئة، وصعود أسواق من غانا إلى كولومبيا.
وأظهرت بيانات “EPFR” و”بنك أوف أميركا” أن المستثمرين بدأوا يعودون إلى هذه الأسواق بوتيرة متسارعة، مع أداء قوي خاصة في أدوات الدين المحلية.

كما أن صناديق كبرى مثل “جيه بي مورغان” و”باسيفيك إنفستمنت مانجمنت” باتت تحتفظ بمراكز استثمارية كبيرة في الأسواق الناشئة، مما يعكس تبدلاً استراتيجيًا في التوجهات العالمية.

الدولار لا يزال حاضرًا

رغم التراجع النسبي، لا يمكن إعلان نهاية عصر الدولار. بل إن المؤشرات تشير إلى احتمال عودته للمسار الصاعد.
ومع ذلك، فإن التغيير الأهم هو في ذهنية المستثمر: من الاعتماد الكامل على الأصول الأميركية إلى قناعة بأن التنويع الجغرافي بات ضرورة لا رفاهية.

الأسواق الناشئة تعود للواجهة مع تراجع الدولار

الأسواق الناشئة تعود للواجهة مع تراجع الدولار

مواضيع ذات صلة