وول ستريت بين إرهاق السوق وتوقعات خفض الفائدة: تشهد الأسواق الأميركية تقلبات حادة وسط إشارات متزايدة
على إرهاق موجة الصعود في وول ستريت، وتزايد الرهانات على خفض وشيك لأسعار الفائدة،
في ظل خليط من العوامل الاقتصادية، والسياسية، والجيوسياسية.

المحتوى
الدولار وعوائد السندات
سياسات ترمب
الأسواق العالمية
الأسهم الأميركية
الاحتياطي الفيدرالي
التوترات الجيوسياسية
نظرة متفائلة
هونغ كونغ

الدولار وعوائد السندات تحت الضغط

انخفض الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ أبريل 2022، مع تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.3%،
وسجلت العملة خسائر أمام الين الياباني ودولار تايوان.
وفي الوقت نفسه، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية على مختلف الآجال،
حيث انخفضت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتين أساس إلى 4.27%.

وأدى تقرير من وول ستريت جورنال إلى تصاعد هذه الضغوط،
بعد أن أفاد بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد يُعلن عن مرشحه لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر،

خلال سبتمبر أو أكتوبر، وهو ما قد يخلق فعلياً “رئيس ظل” يُؤثر في معنويات السوق،
ويزيد من التوقعات بخفض مبكر لأسعار الفائدة.

سياسات ترمب والتيسير النقدي المحتمل

علّقت محجبين زمان، رئيسة أبحاث العملات الأجنبية لدى ANZ Banking Group، قائلة:
“ترمب كان يتحدث دوماً عن خفض الفائدة،
ومن الطبيعي أن يختار شخصية تميل إلى التيسير النقدي، مما سيشكل ضغطاً إضافياً على الدولار”.

هذا التوجه السياسي يعزز الغموض في وقت تزداد فيه التحديات الاقتصادية،
وتبرز التكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يُضطر لتغيير استراتيجيته النقدية في ظل واقع اقتصادي غير مستقر.

الأسواق العالمية تتفاعل بحذر

في آسيا، ارتفع مؤشر واسع للأسهم بنسبة 0.4%،
لكن الأداء بقي متبايناً مع تراجع الأسهم الصينية والأسهم الكورية الجنوبية بعد موجة مكاسب سابقة.

أما في أسواق الطاقة، فقد ارتفعت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي،
بالتزامن مع استمرار مراقبة المستثمرين لوقف إطلاق النار الهش في الشرق الأوسط.
كما تلعب تصريحات ترمب بشأن العقوبات على إيران،
واستعداد روسيا لزيادة محتملة في الإنتاج خلال اجتماع أوبك+، دوراً في بقاء السوق تحت ضغط التقلبات.

الأسهم الأميركية تُظهر صموداً فنياً رغم الرياح المعاكسة

رغم هذه الأجواء المتقلبة، حافظت مؤشرات الأسهم الأميركية على مستويات قوية.
فقد تذبذب مؤشر S&P 500 بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق،
وسجل مؤشر ناسداك 100 ارتفاعاً قياسياً مدفوعاً بأداء شركة NVIDIA.
في المقابل، تراجع مؤشر راسل 2000 بنسبة 1.2%.

وبحسب كريغ جونسون من Piper Sandler، فإن قوة السوق الفنية لا تزال قائمة،
رغم الخلفية المليئة بالتحديات من تخفيض التصنيف الائتماني وتفاقم الدين القومي والتوترات التجارية.
وقد أشار إلى تسجيل “تقاطع ذهبي” في ناسداك 100، وهو مؤشر فني إيجابي، عادةً ما يسبق تحركات قوية.

وأكد مات مالي من Miller Tabak أن هذه التقاطعات الفنية، رغم تجاهلها أحياناً،
تحمل دلالات مهمة على الزخم الصعودي، وإن كان السوق قد يحتاج إلى استراحة مؤقتة.

الاحتياطي الفيدرالي في مرمى الضغوط السياسية والاقتصادية

أشعل الأسلوب التصادمي لترمب تجاه الفيدرالي جدلاً واسعاً حول استقلالية السياسة النقدية.
وقد تابع المستثمرون عن كثب شهادة جيروم باول أمام الكونغرس،
حيث أشار إلى صعوبة التنبؤ بتأثير الرسوم الجمركية على التضخم،
مجدداً موقفه بأن الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة لخفض الفائدة.

في المقابل، عبّر عضوا الفيدرالي كريستوفر والر وميشيل بومان
عن استعدادهما لدعم خفض الفائدة بدءاً من يوليو، إذا استمر تباطؤ التضخم.

وترى كارول شلايف من BMO Private Wealth
أن غياب اليقين في السياسات التجارية هو ما حال دون خفض الفائدة هذا الصيف،
قائلة: “لو لم يكن هناك غموض في السياسة التجارية، لكان خفض الفائدة تم بالفعل”.
وتوقعت أن يحدث خفض واحد إلى اثنين في عام 2025، قد يبدأ في سبتمبر.

التوترات الجيوسياسية تزيد الضبابية

في الشأن الجيوسياسي، أعلن ترمب عن اجتماع مرتقب مع إيران،
لكنه قلل من جدوى الاتفاقات الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي الإيراني،
مشيراً إلى الأضرار التي سببتها الضربات الجوية الأميركية لمواقع نووية في إيران.

جاء ذلك مع دخول وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يومه الثاني بعد 12 يوماً من التصعيد،
مما خفف من مخاوف اندلاع حرب إقليمية تهدد استقرار أسواق الطاقة.

وترى شلايف أن الأسواق باتت تسعّر أن الأسوأ في الصراع الإيراني الإسرائيلي قد أصبح خلفها،
مشيرة إلى أن التأثير الأكبر الآن يأتي من قضايا مثل الرسوم، والتضخم، وسوق العمل، والضرائب.

نظرة متفائلة مشروطة من وول ستريت

على الرغم من هذه التحديات، يعزز خبراء من جيه بي مورغان تشيس
من تفاؤلهم بشأن وصول الأسهم الأميركية إلى قمم جديدة هذا العام،
مدعومة بأساسيات صلبة يقودها قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي،
إلى جانب الاستراتيجيات الآلية، وتدفقات من المستثمرين النشطين عند التراجعات.

لكن غولدمان ساكس حذرت من الإفراط في التفاؤل،

خاصة في الأسهم ذات الجودة المنخفضة التي ترتفع بفعل تغطية المراكز القصيرة،
كما أوضح لويس ميلر، معتبراً أن السوق قد تشهد قريباً فرصاً للمراهنة على التراجع مجدداً.

هونغ كونغ تتدخل لحماية عملتها

وفي سياق متصل، أنفق البنك المركزي في هونغ كونغ أكثر من مليار دولار لدعم سعر صرف العملة المحلية،
ضمن جهوده للحفاظ على ربطها بـ الدولار الأميركي، وسط ضغوط متزايدة ناتجة عن تقلبات الدولار.

وول ستريت بين إرهاق السوق وتوقعات خفض الفائدة

وول ستريت بين إرهاق السوق وتوقعات خفض الفائدة

مواضيع ذات صلة