تصاعد التوترات يوقظ أسواق النفط من سباتها: هل يعود شبح 100 دولار للبرميل؟

الأسواق النفطية تنتقل من اللامبالاة إلى القلق الحذر مع تزايد المخاطر الجيوسياسية واحتمالات تعطل الإمدادات.

المحتوى
النفط
مضيق هرمز

النفط

ينتفض بعد تجاهل طويل للتوترات

على مدار العامين الماضيين، ورغم تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، تعامل متداولو النفط مع الأخبار الجيوسياسية بقدر من البرود.
ففي كل مرة كانت ترتفع فيها الأسعار، تعود سريعاً للانخفاض بمجرد استقرار الأوضاع، دون تأثير فعلي على الإمدادات.

لكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة قلبت الموازين. فبرغم عدم تسجيل أي اضطراب مباشر في الإمدادات،
تحولت الأسواق من الانشغال بوفرة المعروض إلى التسعير وفق سيناريوهات الخطر.
يأتي ذلك في وقت تقوم فيه “أوبك+” بتخفيف تخفيضاتها تدريجياً، بينما تزداد الإمدادات من دول مثل البرازيل وغيانا،
بالتزامن مع تأثير سلبي محتمل للحرب التجارية على الطلب العالمي.

نهاية أسبوع ملغومة تقلب المعادلات

في نهاية جلسة الجمعة، قفز خام برنت بنسبة وصلت إلى 13% خلال التداولات، قبل أن يغلق مرتفعاً بنسبة 7.2% عند نحو 82 دولاراً للبرميل،
في إشارة إلى القلق المتنامي بين المتعاملين الذين تخلّوا عن مراكز البيع تحسباً لتصعيد جديد.

أندرياس لاسكاراتوس، الرئيس التنفيذي لشركة AB Commodities، علّق قائلاً:
“حين تشتعل الحرب، لا أحد يغامر بالبيع قبل عطلة نهاية الأسبوع.
حتى لو لم تتغير الأساسيات، فإن العناوين وحدها كافية لتحريك السوق.”

بين 50 و100 دولار: السيناريوهات المتضاربة

بمجرد بدء الضربات، رفع “غولدمان ساكس” توقعاته للأسعار بنحو 2 إلى 3 دولارات، مرجحاً في حال التصعيد الحاد أن تتجاوز الأسعار 100 دولار،
بينما قد تهبط دون 50 دولاراً في 2026 إذا تم التوصل إلى اتفاقات تهدئة وتراجعت التوترات.

الأسواق شهدت أيضاً ارتفاعاً كبيراً في عقود التحوط، لا سيما تلك التي تدفع أرباحاً إذا تجاوزت الأسعار 85 دولاراً للبرميل بحلول 25 يونيو.
كما قفز مؤشر تقلبات خيارات الشراء مقابل البيع إلى أعلى مستوى له منذ مارس 2022.

مضيق هرمز

المخاوف القديمة تتجدد

السيناريو الأخطر الذي يقلق الأسواق هو احتمال تعطل الشحن عبر مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نحو 20% من الإمدادات العالمية.
ومع أن المحللين يرون أن إغلاق المضيق غير مرجح بسبب الوجود العسكري الأميركي، إلا أن مجرد زيادة طفيفة في احتمالات التعطل تؤثر فوراً في الأسعار.

شركة FGE NexantECA أكدت أن احتمال إغلاق المضيق “حدث ضخم العواقب”، رغم استبعاد معظم المتعاملين له.
بينما ترى حليمة كرافت من RBC Capital Markets أن “قدرة إيران على إغلاق المضيق لفترة طويلة شبه مستحيلة”.

هل تُستهدف البنية التحتية الإيرانية؟

أحد السيناريوهات المثيرة للقلق يتمثل في استهداف منشآت النفط الإيرانية، أو فرض عقوبات أشد إذا ردت طهران بتوسيع برنامجها النووي.
وحتى الآن، لم تحدث أي ضربات مباشرة للبنية التحتية.

دان بيكيرينغ، من Pickering Energy Partners، قال:
“في العقد الأخير، غالباً ما كانت هذه الأحداث فرصاً للبيع عند الارتفاع، لأن التصعيد لم يتحقق فعلياً.”

لكن الاحتمالات لا تزال مفتوحة، وقد تتحول الأحداث الحالية إلى عامل هبوطي إذا تجاوبت إيران مع دعوات التهدئة الأميركية.

ارتفاع محفوف بالمخاطر لا تدعمه الأساسيات

رغم أن الأسواق بدأت بتسعير المخاطر، إلا أن المحللين يحذرون من المبالغة في التفاؤل. فلا تغير حقيقي في العرض والطلب،
ولا مؤشرات على نقص فعلي حتى الآن. السعودية والإمارات تمتلكان طاقات إنتاجية احتياطية يمكن أن تعوض أي اضطراب مؤقت.

كما أشار محللو FGE إلى أن المتداولين “يدرسون البيع عند الارتفاعات”، لكنهم يدركون أن المجازفة بفتح مراكز بيعية في ظل احتمال التصعيد تمثل مخاطرة كبيرة.

خلاصة

النفط خرج من سباته الجيوسياسي، والأسواق باتت تقف على أطراف أصابعها.
ما بين المضاربين الباحثين عن أرباح سريعة والمستثمرين القلقين من تطورات نهاية الأسبوع،
يبدو أن خام برنت دخل مرحلة جديدة تتسم باليقظة، لا اللامبالاة.

تصاعد التوترات يوقظ أسواق النفط من سباتها

تصاعد التوترات يوقظ أسواق النفط من سباتها

مواضيع ذات صلة